MrJazsohanisharma

ماهو الدين والتدين حسب أوشو

جميع الكتب والملفات على موقعنا هي مجانية فقط وليس عليها أي حقوق، في حال نشر أي كتاب أو ملف عن طريق الخطأ، تواصل معنا عبر صفحة إتصل بنا وسيتم حذفه فورا.




يصرخ أوشو ويقول : في عصر الإستنارة، لن يكون هناك أديان ، نعم أنا ضد جميع الأديان، المسماة أديان. هي ليست بديانات على الإطلاق أنا لست مع الديانات..أنا مع التدين.
مانيشّا، الروح المتمردة يمكن أن تكون متدينة، ولكن لا يمكن أن يكون لها دين. إن الفرق بين الدين والتدين هو فرق هائل لا يمكن تجاوره.التدين تجربة، مثل الحب تماماً. إنه لقاء مع مجمل الوجود. إنه مواجهة نفسك في مرآة الحياة. وهو النشوة؛ بمعنى أن تذوب وتندمج مع الوجود بأكمله: مع الأرض، والأشجار، والزهور، والسماء، والنجوم. إنها تجربة محيطية كانسياب قطرة الندى من ورقة اللوتس إلى المحيط. ويمكن القول أيضاً إنّ القطرة أصبحت هي المحيط، أو أن المحيط أصبح هو القطرة. إنها أعظم تجربة في الوجود. أمّا الانتماء إلى دين فليس تجربة؛ بل مجرد نظام اعتقادي نشأتً فيه. وكله مُستَعار. وتذكّر: إن الحقيقة لا يمكن استعارتها؛ فإمّا أن تكون لك، أو لا وجود لها.
ربما عرف بوذا الحقيقة، ولكن لا مجال لأن تتبعه. فالإتِّباع يعني التقليد. أن تتبعه يعني أن تصبح ظلّه، ويعني أنك تخدع نفسك. التبعية ليست سوى جهد تبذله في سبيل أن تكون شخصاً ليس أنت. فضلا عن أن هذا ليس قدرك أيضاً. المسيح ليس مسيحياً، بل هو روح متمردة. المسيح لا ينتمي لأيّ دين، وتلك جريمته. لم يحتمله اليهود، لأنه أصبح غريباً عن شعبه؛ فقد بدأ يتحدث عن وجوب امتلاك اتصال مباشر مع الروح الكونية.


الدين شيء تجاري. نوع من البيروقراطية: أي يتوجب عليك السير في القناة الصحيحة. لا يُسمحُ لك حتى بالاعتراف بالله بشكل مباشر، إذ ينبغي أن تعترف لرجل الدين، ورجل الدين بدوره يصلي لأجلك. فالكاهن دائما يجب أن يكون موجودا كوسيط. الدين تجارة الكاهن، ولا يمت للتدين بصلة. الدين مهنة بسيطة وواضحة لاستغلال البشرية الجاهلة والعاجزة. يستغل الخوف من الموت، والخوف من المجهول، والخوف من مسؤوليات الحياة. أمّا رجل الدين فيهتم بكل ذلك، وما عليك ببساطة إلاّ أن تؤمن بكنيسته، وبدينه، وإلهه، وبكتابه المقدس.

أن تنتمي إلى دين يعني أن تنتمي إلى كل أنواع الأكاذيب والخرافات. أن تنتمي إلى دين يعني أن تنتمي إلى الماضي الميت. أمّا الروح المتمردة فلا ماض لها، ولا تملك سوى الحاضر، وانفتاح واسع نحو المستقبل. الدين بالنسبة للروح المتمردة ليس في الكتب المقدسة؛ بل في قداسة الوجود. الدين ليس في الصلاة التي يُلَقِّنها رجال الدين من كل الأديان. الدين هو في الامتنان الذي يشعر به المرء تجاه الغروب، والشروق. إنه في الامتنان الذي يشعر فيه المرء بأنه جزء من هذا الوجود المعجزة والخارق الجمال. إنه صلاة بدون كلمات.. أغنية بدون صوت. إنه صمت جليّ، وفي ذلك الصمت يخاطبك الوجود. في ذلك الصمت تخاطب الوجود، وتحاوره. لا أحد يتكلم، ولا أحد يسمع، وإنّما هناك نقل للطاقة. إنه شيء يحدث في داخلك: ربما لهب يجعلك تشتعل.
التدين والتمرّد هما في الأساس تجربة واحدة، ولكن أن تكون جزءاً من دين منظَّم هو أن لا تكون حيّاً بالفعل، ولا في حالة بحث عن الحقيقة، ولا في حالة عشق مع الوجود. إنه نوع من الموت، رغم أنك تستمر بالتنفّس، وفي تناول الطعام، غير أن كل تنفسك وكل تناولك للطعام لا يقودك إلاّ إلى المقبرة،. إنك لا تنمو، بل تصبح عجوزاً وحسب.

الذي ينمو هو الروح المتمردة فقط؛ توقها هو إلى ملامسة النجوم، ولا ترضيها توافه الحياة. رضاها أبعد ما يكون، وسخطها هو على الواقع الحالي. الإنسان المتمرد لديه سخط إلهي في قلبه، وتوق للعثور على الطمأنينة والسلام. إنه في رحلة حج إلى الطمأنينة. حياته كلها حج، وهو دائما يقترب أكثر فأكثر من الحقيقة المطلقة؛ من ذلك الإدراك الذي يحرر الإنسان من كل عبودية، ومن كل إحباط، ومن كل تعاسة، ومن كل ألم، ويتيح للمرء تذوق طعم الحريّة والحقيقة والجمال والحب، والإبداع المتفجر: الإبداع في الحياة المتعددة الأبعاد.

الإنسان المتمرّد يملك لمسة ذهبية: فأي شيء يلمسه يصبح ذهباً، مهما كان. ربما يعزف على ناي من الخيزران، فيصبح ذهباً نقيّاً، من عيار 24 قراط. قد يرقص لوحده تحت السماء المتلألئة بالنجوم، فيصبح رقصه ذو مغرى أكثر بكثير من كل اللوحات الفنية في العالم، ومن كل التماثيل، ومن كل الكتب المقدسة. يعبِّر عن إبداعه ببساطة من خلال صمته، لكن صمته لن يكون صمتاً عادياً، فقط لمجرد غياب الضوضاء، بل سيكون تفتحاً إيجابياً للأزهار في كيانه، ويمكنك أن تختبر عبير صمته، فهو شيء ملموس تقريباً.

الأديان المنظمة كلها ميِّتَة؛ الكنائس، والمعابد، والمساجد، والكُنُس؛ كلها قبور الماضي، وكلما أسرعنا في تحويلها إلى متاحف، كلما كان أفضل، وإلاّ سوف تقتل البشرية بأكملها، وهي في الأساس قتلت الكثير داخل كل الإنسان. لقد أصابت الأديان المنظمة كل إنسان بالشلل، وسممت الجميع، والدمار الذي أحدثته لا يُعَدُّ ولا يحصى.مانيشّا، أنت تسألين: "ما هو دين الروح المتمرّدة"؟ إنه التمرّد! التمرّد هو دين الروح المتمرّدة؛ التمرّد ضد كل استغلال، وضد كل تمييز، وضد كل اضطهاد، وضد كل أنواع العبودية الروحية، وكل أنوع المعتقدات الخرافية. كما أن هناك الكثير جداً مما ينبغي التمرّد ضده.

وذلك ليس سوى نصف تمرّد، لأن النصف الآخر هو التمرد سعيا وراء الحقيقة، والتمرد لأجل الحرية، والتمرد لأجل الحب، ولأجل بشرية جديدة، وإنسان جديد، ومجتمع جديد، ولأجل نوع جديد من الوعي.
التمرد له شقين: الشق السلبي هو التمرد ضد كل ما هو قبيح، وكان يؤلّهه لقرون عديدة، والشق الإيجابي المتعلق بكل شيء جميل، لكنه تم تجاهله لقرون أيضاً. بل لم يتم تجاهله فحسب، وإنّما صُلِب، وسُمِّمَ، وقُتِلَ. كلّما جرَّبَ أي شخص الدين الأصلي للتمرّد، فكان يكافأ بالصلب. لهذا أريد الكثير من المتمردين في العالم، كي يصعب العثور على أشخاص لصلبهم.
عاد مايك إلى مسقط رأسه بعد سنوات عديدة أمضاها في الخارج. فقال له كاهن الأبرشية: "آمل أنك من المخلصين لإيمانك حينما كنت بعيداً".

فقال مايك: "بالفعل أبتي، لقد كذبتُ، وحاربت، وشاكست، وسلبتُ، ومارست الجنس مع النساء، لكنني لم أنسَ للحظة الدين الذي ترعرعت فيه".


ما هو الهدف من كل هذه الأديان؟ هناك ثلاثمائة دين في العالم الآن. وهناك أيضاً ملايين من جرائم القتل، والانتحار، والاغتصاب، والسلب، والحروب المتواصلة، سواء في هذا الجزء من العالم، أو في جزء آخر.
فما الذي تفعله هذه الأديان؟ الجميع متدينون! وما من أحد خائن لدينه؛ إنه يسرق، ويقتل، ويغتصب، لكنه يتذكر أنه مسيحي، أو هندوسي، أو مسلم، أو أنه مؤمن بالله، أو أنه تابع لبوذا. ماذا تعني كل هذه التبعية؟ إنها محض خداع، ليس خداع الآخرين وحسب، بل خداع نفسك أيضاً. 
إنه لمن الغريب –بل من الغريب جداً إلى درجة لا تُصَدَّق- أن هناك ثلاثمائة دين في العالم، وليس هناك سلام، ولا فرح، ولا أي احتفال، ولا قداسة، ولا ألوهة في أي مكان. كل هذه الأديان زائفة، وعلى الروح المتمردة أن تتخلص منها وتخلق فقط نوعا من التديّن بدون أي صفة.. مجرّد تديّن. دائما ما كان التصويت مشكلة بالنسبة لي .... إذ لم أكن قادرا على التصويت طوال حياتي، لسبب بسيط، وهو أنه كلما جاء إليَّ الموظفين لملء استمارة التصويت كي أكون ناخباً شرعيا، كان هناك بند: "ما هي ديانتك"؟
قلت: "ليست لدي أي ديانة، إنني رجل متدين". فقالوا: "ولكن يجب ملء جميع البنود". قلت: " إذن يمكنك استرداد الاستمارة، فلست مهتما كثيرا بالتصويت على أية حال، ذلك أنه لا داعي لأن تقلق عندما يتوجب عليك الاختيار بين اثنين من الحمقى. لمن تصوِّت؟ كائناً من كان الذي تصوّت له، فأنت تصوِّت لأحمق. ومن الأفضل عدم التصويت، على الأقل تظل يداك نظيفتان. يمكنكم أن تروا : ها هي يداي نظيفتان تماماً !"

لقد ازدادت مشاكل الإنسان مع مرور الوقت. في حين كان ينبغي أن تتناقص تدريجياً كلما أصبح الإنسان أكثر ثقافة، وعلماً، وحضارةً. بيد أنه كلما أصبح أكثر ثقافة، وأكثر تحضراً، وأكثر تعليماً، كلما ازدادت مشاكله إلى حد كبير. في حين تستمر الأديان في الادعاء بأنها تملك علاجاً لكل مرض، ولكل اعتلال روحي. لكن الإنسان يعاني من الاعتلال الروحي في كافة أنحاء الأرض: فكل شخص يشعر بأنه أجوف. وهذه الديانات لم تكن تقدم أي علاج؛ بل على العكس من ذلك: فاقمت مشاكله بتعاليمها الخاطئة، والغبية، والمخالفة للطبيعة.

كانت تلك هي الزيارة الثالثة التي قامت بها السيدة ليفي إلى عيادة الدكتور للعلاج من البرود. "دكتور"، قالت السيدة متذمرة: "لا شيء مما وصفته لي كان بذي فائدة. السيد ليفي يشتكي من أنني أجعله مستيقظاً طوال الليل بسبب سعالي، فهل لك أن تفعل شيئا... أي شيء لعلاجي؟" فقال الطبيب: "حسنا. عودي لبيتك وخذي حمّاماً ساخناً، وقفي عارية حيث يوجد تيار هواء قوي دون أن تجففي نفسك". فقالت: "حقاً؟ هل ذلك سيشفيني؟" أجابها الطبيب: "كلاّ! لكنك ستصابين بالتهاب رئوي، وأنا أستطيع علاج الالتهاب الرئوي".

هذه الأديان تمنحك أمراضاً أكبر! وربما بطريقة معيّنة، عندنا تصاب بمرض أكبر، تميل إلى نسيان المرض الأصغر. سمعت أن الملا نصر الدين كان يشتري حذاء في محلّ، فقال صاحب المحلّ: "مُلاّ، لابد أنك مجنون، أو شيء من هذا القبيل! فأنت تقيس الحذاء الذي لا يناسبك حجمه. تحتاج لحذاء أكبر حجماً ." فقال الملاّ: "لا تزعجني . دائماً استخدم ذلك الحجم، وسوف أستمر في ذلك. إنني رجل مبادئ ." قال صاحب المحلّ: "هذا شأنك، لكنّك ستعاني طوال اليوم. سيقرصك الحذاء ." فقال الملا، ذلك ما أريده ."
قال صاحب المحلّ: "ولكنّ لماذا تريد ذلك؟" فقال: "إنك لا تفهم الجانب النفسي من ذلك. أي المعاناة طوال اليوم؛ فعندما أرجع إلى البيت وأخلع حذائي، أشعر بارتياح كبير يدفعني للقول، "يا إلهي"!- - إن ذلك يجلب لي متعة هائلة. فبدون هذه الأحذية، ليست الحياة إلاّ بؤساً. إنها تبقيني طوال اليوم بعيداً عن كل بؤس، ولا تكون لديّ طاقة كافية للنّظر إلى بؤس آخر. تقول زوجتي، من لديه أذنين لكي يستمع لها ؟ يقرصني حذائي على نحو سيّئ جدًّا لدرجة أننيّ لا أسمع إلاّ حذائي فقط . ثم تستمرّ في التكلّم مع نفسها - - لقد أصبحَتْ معتادة على الأحاديث الفردية . 
أعمالي تسير بشكل سيء، والأمور تتدهور، ولكن لا شيء يقلقني. قلقي الوحيد هو حذائي . إذ يبقيني الحذاء بعيداً عن كل بؤس العالم، وفي النّهاية، قبل الذّهاب إلى السّرير، يمنحني خلع الحذاء راحة كبيرة إلى درجة أنني أنام مسترخياً جداً، وبعمق كبير ..ثم تقترح عليَّ بأن ألبس حذاء بحجم أكبر؟ إنك ستدمّر حياتي !"
هذه الدّيانات وفرت لكم أحذية غير مناسبة - - أحذية ربما ناسبت شخصاً ما منذ خمسة آلاف سنة مضت. لقد أعطتكم سراويل غير مناسبة. جعلت منكم أضحوكة، لأنّ تلك الأحذية لم تُصنَع طبقًا لحاجاتكم، وتلك السراويل والقمصان لم تُصنَع لكم. والحقيقة إن كل الأشياء التي قدمتها لكم هذه الأديان، صنعها شخص ما لشخص ما آخر يعود زمنه إلى قرون مضت. ما من شيء مناسب، وهي لا تقدم لكم سوى الألم .

بيد أن هذه الدّيانات كانت تعلّمكم: طوبى لأولئك الذين يعانون، طوبى للذين يعيشون في البؤس، طوبى للذين يتعرضون للاضطهاد، والزهد، والتعذيب الذاتي، لأنهم يرثون ملكوت الله.  فقط لكي ترث ملكوت الله، عليك أن تستمر في ارتداء الأحذية التي لا تناسبك، والقبعات الفضفاضة بحيث لا تتمكن من الرؤية - لأنها تغطي عينيك. والملابس التي إما أن تكون صغيرة جدا بحيث تريد أن تقفز للخروج منها، أو فضفاضة بحيث يمكن أن يعيش في داخلها حشد من الناس- أو تستوعب أسرة بأكملها.

الإنسان المتمرد لا يمكن أن يقبل أيٍّ من هذه الحماقات. دينه هو ذكائه. دينه هو وعيه. دينه هو إدراكه. ومن وعيه، يصبح حرا كطير يرفرف بجناحيه، وجميل مثل زهرة اللوتس في البركة، ومبتهج مثل الوقواق وهو يغنّي من بستان المانجو. إنه يبدأ حياته للمرّة الأولى، ويعرف أن الحياة هي الإله الوحيد الموجود  - وليس هناك إله آخر.  الإنسان المتمرّد شخص وثنيّ؛ يعبد الأشجار، يعبد النّجوم، يعبد الأنهار، والجبال . يعبد الإنسان، ويعبد كل شيء حيّ  - لأنه حيثما توجد حياة، توجد ألوهة. 

أوشو، المتمرد
ترجمة أيمن أبوترابي
أحدث أقدم