حقيقة الحياة والموت وما بعده
ربما تظن ان الموت هو عكس الحياة .ولكن هذا غير صحيح!!؟؟ الموت هو عكس الولادة. اما الحياة فهي الاستمرارية بين الولادة وحتى الموت. ولكن ما بعد الموت، ايضا قد تظنه فناء وهلاك ونهاية للوجود وهذا أيضا غير
صحيح. الموت هو نهاية الحياة المادية وبداية حياة أكبر وأسمى وأكثر حرية
واقل حدود وقيود في الواقع بعد الموت تصبح "حيا" أكثر من عندما كنت في
الحياة وفي الواقع ايضا الحياة المادية هي اشبه أو أقرب الى حالة الموت
منها الى الحياة.
فقط انظر الى فرط الحماسة في احلامك وقارنه بجمود حياتك
اليومية لتعرف ان العوالم والممالك الاعلى من العالم المادي تنبض بالحياة
أكثر مما يفعل عالمنا المادي هذا الذي نعيش فيه. ولكن ماذا لو كنت لا تظن ان ما بعد الموت هلاك ربما قالوا لك
اثناء صغرك (وينعق به الناعقون من رجال دين ابليس وقبيله من رجال الاديان
جميعها التي نعرفها بمسمياتها المختلفة) ومن هذا النعق الذي ينعقونه كل يوم
بالتخويف ان ما بعد الحياة حياة اخرى، قبر، وبرزح، وحساب، فعذاب، وعقاب،
او نعيم وسعادة وهذا ايضا غير صحيح على عدة مستويات.
اولاها ان الجنة بمفهومها الديني المقدم لنا في قالب مادي
فكرة سخيفة لا يقبلها الوعي المستنير فلا أحد يرغب بجنة كل ما يتمناه المرء
من شهوات يحصل عليه (وكانه في مقهى يوفر الدعارة والنساء) ولا أحد يمانع
ان يكون في عذاب مقيم لان استمرارية العذاب ستجعله امرا طبيعيا وهذه
العملية تعرف بالتباين. (وكأن النار فرن لشوي الدجاج يا له من أمر مضحك
سخيف ضحكوا به على عقول القطيع من العوام من مليارات البشر بأسم الدين).
تعريف التباين:
التباين هو الفرق بين وضع انسان، وانسان اخر، حياة انسان وحياة اخرى من خلالها يمكن ان تنسب حياتك او تجربتك الى تجارب الاخرين فتصنفها كحياة سعيدة او حزينة مقارنة بهم وعند غياب المقارن، تغيب المقارنة. وهذا هو معنى التباين.
التباين هو الفرق بين وضع انسان، وانسان اخر، حياة انسان وحياة اخرى من خلالها يمكن ان تنسب حياتك او تجربتك الى تجارب الاخرين فتصنفها كحياة سعيدة او حزينة مقارنة بهم وعند غياب المقارن، تغيب المقارنة. وهذا هو معنى التباين.
فعندما تكون في مكان كل من فيه يعذبون في النار، لا يعود
العذاب امرا مرفوضا وسيئا. ولتوضيح ذلك أورد مثال جيد الجاذبية الارضية
مثلا هي من أكثر حدود العالم المادي وقيوده سو ء وسلبية، ومع ذلك لا أحد
يتذمر من الامر، بل أصبح امرا طبيعيا متفقا عليه!.
ولكن دعونا نفصل قليلا في مسألة الجنة والنار فهما من أكثر الاسئلة شيوعا، ومن أكثر مفاهيم الاديان ورودا.
اولا يجب ان نفهم من نحن؟ :
نحن كائنات قادرة على فعل كل شيء في أي وقت بل ان الوقت لا
يحكمها بل هي من تتحكم في الوقت وهذا امر جميل عندما نفكر فيه هنا ونحن
بشر، ولكن عندما تستشعر هذه القدرة غير المحدودة ستشعر برغبة في بعض
القيود.
يشبه الامر حياتك عندما تكون امنة مستقرة في الحياة المادية
فتذهب للبحث عن مغامرة في الادغال انت تملك حياة سعيدة امنة مليئة بالرخاء
ومع ذلك تريد تجربة المعاناة. تذهب الى الادغال فتقوم بسبر اغوارها الان
تخيل لو ان رحلتك هذه سبقها عملة فقدان ذاكرة مؤقت لتعيش المغامرة دون أي
رغبة في العودة فلو كنت تتذكر أنك اتيت الى الادغال بإرادتك، فستطلب العودة
الى بيتك الامن عند اول موقف مخيف مرعب او متعب أو مقلق .
لكن لو لم تكن تتذكر من انت اساسا فلن تجد سبيلا الا ان تعيش
التجربة (على افتراض ان موتك في الادغال سيعيدك الى البيت تماما كألعاب
الفيديو) . الان البعض في هذه المغامرة سينطلق ويستكشف ارجاء الادغال ويخوض
تجارب جريئة جدا حتى ما إذا عاد الى بيته كان قد جرب كل شيء. واخر قد يخاف
ويتمسك بشجرة ولا يقبل ان يتحرك خوفا من الادغال "الحياة" وهذا هو الفرق
بين من يعيش حياته كما يحب ومن يعيشها كما يكره.
عندما يموت الاثنان كأنهما يعودان الى منازلهما الحقيقية.
هناك يتذكر كل انسان تجربته فمنهم من عاش الحياة كما يجب فهذا سعيد اخذ من
التجربة ما يريد ، واخر عاشها بخوف، ففاتته فرصة جميلة للعيش فيقرر العودة
ربما ليخوض التجربة مره اخرى "اعادة الظهور " او ما يعرف اصطلاحا ب "تناسخ
الارواح" وانا أطلق عليه مصطلح أكثر دقة "التجسد" وهذه المفاهيم تكثر عنها
الاسئلة وسنفصل فيها بعد قليل ولكن لنختم اولا مفهومي الجنة والنار.
الان عندما يموت من عاش حياته بسعادة وحب وجمال، وقام بكل ما
يحب سيعود الى ذاته بعد الموت منطلقا فرحا مستعدا لمرحلة جديدة غير الحياة.
وهذا ما يعرف بالجنة اما من يموت وقد عاش حياته بخوف وكره وتردد واعتبار
لمفاهيم الاخرين متجاهلا رغباته الحقيقية فلن يسعد بموته فيعيش فيما يسمى
بالنار ولكن هناك تفصيل كما سيرد ادناه :
في بعض الاحيان، لن يدرك اساسا انه عاد الى ذاته فيعلق بين
الحياة المادية والبعد النجمي "حياة البرزخ" وهذا التعلق هو ما يعرف لدى
الاديان بالجحيم او النار لأنه يشبه الكابوس الممتد الى الابد، لا يتخلص
منه الانسان الا عندما يدرك انه مجرد كابوس يستيقظ منه فيعود الى ذاته.
وغالبا ما يحدث هذا الأمر للمنتحرين او المقتولين. ولنفصل في الامرين قليلا
...المنتحر عندما يقدم على الانتحار، يكون في اسوأ حالاته النفسية (أي ان
تردده وذبذباته في اقل مستوياتهما) فعندما يموت لا يستطيع ان يصعد ويسمو ،
عن مستوى الحياة المادية، فيعلق فيها معذبا لا يملك جسدا يحصل منه على
الطاقة فيعمد الى الاستعانة بالأخرين بما يعرف بظاهرة العوالق الهالية.
العوالق الهالية:
عندما يموت الانسان فينفصل جسده النجمي "الروح" عن الجسد المادي ويكون الوعي مصاحب للجسد النجمي، فبدلا من الصعود الى البعد النجمي "حياة البرزخ" يستمر الجسد النجمي "الروح" بالتجول في الحياة المادية. ولأنها تحتاج الى الطاقة فإنها تتعلق احيانا بهالات البشر الاخرين وهو ما يعرف لدى المتدينين باسم "المس الشيطاني" وليس "التلبس الشيطاني" .
عندما يموت الانسان فينفصل جسده النجمي "الروح" عن الجسد المادي ويكون الوعي مصاحب للجسد النجمي، فبدلا من الصعود الى البعد النجمي "حياة البرزخ" يستمر الجسد النجمي "الروح" بالتجول في الحياة المادية. ولأنها تحتاج الى الطاقة فإنها تتعلق احيانا بهالات البشر الاخرين وهو ما يعرف لدى المتدينين باسم "المس الشيطاني" وليس "التلبس الشيطاني" .
فيعلق المنتحر فترة طويلة متنقلا بين هالات البشر متسولا
الطاقة منهم حتى يدرك انه أخطأ فيصعد ويعود للظهور غالبا. وهو الامر الذي
يحدث للمقتول ايضا، فعندما تقتل انسانا، بل وحتى حيوانا (ولهذا حرم قتل
الحيوانات) تنفصل روحه او جسده النجمي بشكل مفاجئ عن الجسد فلا يجد الا
هالتك هي الاقرب، فيعلق بها فعندما تقتل قطا او حشرة، ليست الجن من تسكنك
او تمسكك، بل هي روح ذلك الكائن. لا يعني الامر انه دائما سيعلق بك، ولكن
ان كنت خائفا منه وتكرهه لهذا قتلته فغالبا سيتكون معرضا لتعلقه بك ولكن
هناك بعض القتلة الذين يقومون بالأمر على انه شيء او طقس مقدس، هؤلاء يكون
القتل لهم امرا يرفع ترددهم فلا يكون من السهل على روح الميت ان تعلق
بهالاتهم.
اذن لنفصل قليلا في العوالق الهالية ونرسم الخط الفاصل بينها وبين التلبس الشيطاني :
العوالق الهالية، هي ارواح ضائعة لا تريد (بل لا تعلم) انه
يجب ان تصعد الى حياة البرزخ او البعد النجمي حيث لطاقة وافرة والحياة
سعيدة تبقى عالقة بين الحياة المادية والحياة النجمية فيما يعرف بالبعد
الاثيري او البعد النجمي المنخفض وهو المكان الذي نرى فيه الكوابيس وهو
مكان موحش ومخيف لمن يأتيه دون وعي.
فتعلق تلك الارواح بهالات البشر، ولكي تضمن استمرار التعلق
تقوم بإقناعهم (عبر التحدث في رؤوسهم – على شكل اصوات كثيرة في رأسك جراء
العوالق المتعددة) لتقنعك بالقيام بالعادات الإدمانية كالتدخين او شرب
الخمر او العادة السرية او الاغاني او غيرها من محرمات دينك.
لذلك دائما عندما يسألني أحدهم هل الاغاني او الدخان او حتى
الشرب حرام، جوابي يكون ان كنت ترا ان فعلها خطأ وتشعر أنك تخشى فعلها فلا
تفعلها. اما ان كنت تراها امرا صحيحا تماما ويشعرك بالسعادة فأقدم عليه فمن
يفعل امر جميلا كالرياضة او حتى قراءة القران وهو يرى ان هذا الامر لا
يناسبه، سيكون معرضا للعوالق الهالية.
ومن يفعل امورا شريرة (في عرف المجتمع والاديان مثلا) كتعاطي
المخدرات او الخمر او الشذوذ، وهو مؤمن (ايمان تام وليس قناعة فكرية )ان
هذا الامر مقبول وصحيح، فلن يكون معرضا للعوالق الهالية.
اما التلبس الشيطاني فهو امر مختلف تماما، هي متلازمة
ازدواجية الشخصية لدى علماء النفس. وتفسيرها من منظور ما وراء النفس هو ان
الانسان يملك شخصيات عدة، تتناوب (بل يتناوب وعيه بينها) ينتقل الوعي من
جسد خّير الى جسد شرير من شخصية ملائكية الى شخصية شيطانية باستمرار. لا
نقصد انه مجرد مزاج او فكرة، بل انتقال حرفي من جسد الى جسد اخر مختلف
اختلافا حقيقيا وهذا هو الامر طبيعي ولكن بعض البشر يرفض أحد هذه الشخصيات
(غالبا يرفضون الشر) فيصرون على التمسك بالشخصية الخيرة والجسد الملائكي.
فيحاول الوعي الانتقال عبثا الى الشخصية الاخرى، ويصل هذا الصراع أشده
عندما تضطر الشخصية الاخرى الى الحضور كليا بكل صفاتها في اللحظة فينتقل
الوعي الى جسد مليء بالشر . يتضح ذلك من خلال صوته ونبرته واسلوبه وحركاته
بل وحتى جسده فهناك حالات مسجلة على الارض طبيا، لبشر تتغير لون قرنيات
اعينهم لدى حضور الشخصية الاخرى، بل واختفاء امراض مثلا كان يعاني منه
المريض والذي غالبا ما يحدث بسبب طيبتهم الزائدة ، وحالات اختفاء للحساسية
المزمنة التي يعاني منها الشخصية الرئيسية كل هذا يحدث ليكون دلالة على ان
الامر ليس شيطانا خارجيا او كيانا شريرا يحضر ليسكن داخل الجسد كما يظن
المتدينون.
وليس مجرد مزاج او شخصية يتحول اليها المريض بل هو انسان كامل مختلف عن الانسان السابق، ينتقل الوعي من واحد الى اخر.
وليس مجرد مزاج او شخصية يتحول اليها المريض بل هو انسان كامل مختلف عن الانسان السابق، ينتقل الوعي من واحد الى اخر.
وعلاج المريض من هذه الظاهرة ، ولكن بشكل اساسي، كل ما عليك
فعله هو جعل المريض يسمح للشر بداخله ان يلعب دوره وعندها سيعود ليصبح
انسانا طبيعيا.
اما وقد شرحنا مفهومي الجنة والنار وانهما مفهومين مجازيين لا
مكانين ماديين، وفصلنا في العوالق الهالية والتلبس الشيطاني، فلنعد الى ما
وعدناكم ان نقوم بشرحه " الحيوات السابقة".
الانسان يعيش الحياة لا يذكر شيء قبلها اي قبل ولادته بجسد
جديد فيفترض انه لم يكن هناك شيء قبلها وهذا خطأ!! . خطأ لان الحياة مجرد
محطة صغير مقارنة بالوجود العظيم لك ولكن هذا في مفهوم التنوير، ولكن حتى
في الاديان، وفي مفهوم عرض الامانة في القران الكريم عند المسلمين، ينص
القران بشكل واضح وصريح ان الانسان تعرض عليه الأمانة (الولاية) ويقبلها بعد
ان تأبى السماء والجبال حملها، ويوصف الانسان عندها بانه ظلوما جهولا وسبب
نعته بالجهل انه عندما يعيش الحياة ويتحمل الامانة يجهل انه تحملها. ولمن يظن ان عرض الامانة كان على ادم فقط، فانه من مبدأ العدل
في الأعتبار الاسلامي "لا تزر وازرة وزر اخرى" لو لم تكن قد عرضت عليك انت
الامانة لما اقيمت عليك الحجة.
اذن فوجود الانسان لم يبدأ بولادته في جسد مادي في الحياة
الدنيا. هو كان موجودا بشكل ما قبل ذلك بكثير، وسيكون موجودا ايضا بعد
الموت فيما يعرف بحياة البرزخ وما بعدها بأعتراف العلم ان الطاقة والمادة
تتغير من حالة الى اخرى ولكنها لا تفنى وباعتراف الاديان والفلسفة جميعها
أيضاً.
اذاً كل انسان يعيش الحياة المادية لا يدرك ما حدث قبلها؟
ماذا كان قبل ذلك؟ وكم عاش واين عاش؟ بل وماذا كان وهل عاش في الحياة
المادية من قبل؟ وكم مرة؟ وعلى شكل ماذا؟ انسان؟ ما صفته؟ وربما حيوان؟.
كلها امور صحيحة، رغم ان العقل لا يدركها, وهذا منطقي ايضا، كما قلنا في بداية شرح المغامرة في الادغال قبل قليل.
فالهدف من الحياة ان تعيش المعاناة، ولكي تكتمل التجربة يجب
ان تنسى أنك انت من قام بإعداد التجربة ولو علمت أنك انت من اعددتها، لن
تنطلي عليك خدعها ولن تشعر حقا بالمعاناة الكاملة، بل ستقبل كل ما يحدث
فيها.
اذن فنحن في الحياة المادية في زيارة مؤقتة وتجربة قصيرة
لاختبار المعاناة, ولكي تفهم الامر أكثر، تخيل أنك تغفو لمدة دقيقة واحدة
فقط، وترى حلما. تشعر انه يمتد الى ساعات واثناء الحلم تنسى من انت تبلغ من
العمر عقود من الزمن ومع ذلك تنساها كلها في خمس دقائق فقط تشعر اثناء
الحلم ان الحلم هو كل الوجود حتى إذا ما استيقظت تذكرت من انت وكما قال رسول الإسلام صلوات الله عليه واله : ((الناس نيام, إذا ماتوا انتبهوا)).
فهل يعقل اننا في حلم طويل؟ ، نظنه كل الوجود حتى إذا ما متنا تذكرنا انه لم يكن الا حلم؟ . الجواب على هذا السؤال هو :
( طبعا وباعتراف كل الحضارات والاديان والمنطق العلمي والفلسفي بشكل او باخر).
( طبعا وباعتراف كل الحضارات والاديان والمنطق العلمي والفلسفي بشكل او باخر).
بقلم المبدع : عقيل العراقي